القاهرة
لم أستغرب عندما استيقظت صباحاً في بيتي في ولاية فيرجينيا الأميركية لأجد ابني ذا السنوات الثماني والمولود في سوريا يغني "القاهرة تجيلها تحنلها" وهو يركِّب قطع سيارته الليغو.
ابني الذي عاش في سوريا ثلاث سنوات قبل أن يأتي إلى الولايات المتحدة الأميركية تعلَّم أن يتحدث باللغة العربية قليلاً وتحديداً اللهجة السورية، ولكنه لم يتعلم أن القاهرة هي عاصمة مصر حتى سمع أغنية عمرو دياب ومحمد منير القاهرة.
أتذكر أنني سمعتها أمامه في السيارة وهو جالس خلفي لمرتين فقط حتى لفتت انتباهه وبدأ يطلب سماعها من جديد، إلى أن طلب مني لاحقاً أن أريه صوراً للقاهرة.
وعندما شاهد ابني فيديو كليب القاهرة قال لي عند نهايته "تبدو القاهرة جميلة" فتبسمت في داخلي وتذكرت كمَّ الانتقادات التي طالت الفنان عمرو دياب والمخرج شريف صبري وطاقم العمل لأنهم صوروا القاهرة بصورة المدينة المتطورة متجاهلين العشوائيات والفقر المنتشر في أرجائها، متغافلين عن زوايا كبيرة لم تؤخذ ضمن كادر الكاميرا وهي تخفي خلفها الكثير من الصورة المعاكسة.
شعرت حينها باليأس قليلاً وتعاطفت مع القائمين على العمل إذ واجهوا انتقادات مختلفة تتعلق بظهور منير المتأخر وتصوير القاهرة من أعلى فندق وأنا الذي كنت مأخوذاً بالأغنية وبجمال فكرتها وبأثرها الطيب الذي تركته على المشاهدين والمستمعين.
بكل الأحوال، وكي لا تُحسَب كلماتي هنا على أنها تطبيل وتزمير للفنان عمرو دياب، فإليكم بعض الانتقادات التي أراها من وجهة نظري أجدى وأهم للتحدث عنها من تغافل كليب القاهرة عن عشوائيات والفقر في العاصمة المصرية.
أولاً: بالرغم من تميز اللحن وقدرته الرهيبة على شد انتباه المستمع إلا أنه استعان تقريباً بأربعة علامات موسيقية من أغنية سيد دروش الشهيرة "الحلوة دي"، وستلاحظ هذا جيداً في نهاية الأغنية عندما يستبدل الموزع أسامة الهندي كلمة القاهرة المغناة بأصوات الهضبة والكينج بالآلات الموسيقية كالعود والقانون ثم يتبعها بالناي.
ثانياً: بالنسبة للكوبليه الأول للأغنية "كأنها بنت جميلة" والمعزوف موسيقياً أكثر من مرة والمكرر في "هنا ناس تشيل عنك" وكذلك "يا جمالها ساعة العصرية"، ستلاحظ بعد التدقيق أن العلامات الموسيقية الأولى الأربع مأخوذة من أغنية كله إلا حبيبي، و أغنية أنت الوحيد لعمرو دياب ،وكذلك متطابقة مع العلامات الأولى من موسيقى أغنية هيفاء وهبي بحب فيك حاجات، ستجد هذه العلامات في الدقيقة الأولى والثانية التاسعة من أغنية هيفا، بينما ستجدها في الثواني الأولى لأغنيتي عمرو دياب المذكورتين.
ثالثاً: أرى أن صولو الغيتار الإلكتريك التي بدأت في الدقيقة 2:16 غير مناسبة لهذه الأغنية، لأن الأغنية طربية بامتياز ولم تكن بحاجة لتقاسيم غربية بهذه الطريقة أخرجت الأغنية عن سياقها الشرقي الطربي.
رابعاً: في المشاهد النهارية ستلاحظ انعكاس صورة عاكسات الإضاءة على نظارة عمرو الشمسية، راقب ذلك في تمام الدقيقة الأولى مثلاً.
خامساً : عندما يغني عمرو دياب جملة "يا جمالها ساعة العصرية" يجلس إلى الكنبة في منتصف المسافة بين عازف الغيتار والرق، ثم في اللقطة التي تليها نراه أقرب إلى الرق ثم مرة أخرى في المنتصف.. كان على شريف صبري الانتباه بأن يُجلس عمرو دياب منذ بداية اللقطة إلى اليمين كي يفسح مجالاً لمحمد منير، أو أن يستبعد ببساطة لقطات عمرو (في المنتصف) على المونتاج.
سادساً: في كامل الأغنية يعود عمرو دياب مجدداً لتكرار حركات يديه بالطريقة نفسها التي باتت مستهلكة في كل حفلاته وأغنياته المصورة وكأن عمرو لا يشاهد أعماله بعد تصويرها أو لا يأخذ بنصائح وملاحظات مدير أعماله ومن حواله بأن عليه أن يخفف من تكرار الحركات نفسها.
وبما أن غايتنا من الانتقاد هو الارتقاء بالعمل فكان من الممكن أن يقوم عمرو دياب بالاستفادة من أعضاء فرقته بطريقة أكثر إبداعاً وذلك بأن نشاهد مثلاً كل شخص من أعضاء الفرقة متواجداً في مكان مختلف من القاهرة، ويعزف كل منهم لوحده مشكِّلين بذلك لوحة متكاملة للموسيقى التي نسمعها، وبلقطات عفوية للشارع نرى الناس وقد تجمهرت حولهم، ثم بلقطة تمثيلية وعند ظهور صوت عمرو دياب يلتفت الناس إلى جهة الصوت المجهولة المصدر بغية اكتشاف المكان الذي يقف فيه عمرو دياب مثلاً. ولو طُبقت هذه الفكرة لكان عمرو دياب قد تجنب الانتقادات التي تشير إلى أن القاهرة التي ظهرت في الكليب هي ليست القاهرة الحقيقية.
وأخيراً، ومع كمِّ السلبية التي قرأتها في تعليقات الجمهور على الأغنية، لا يسعني إلا أن أقول أن الأغنية كعمل موسيقي نجحت في جعلنا نردد كلماتها البسيطة والسهلة، وكعمل تصويري نجحت في خلق صورة ذهنية إيجابية عن العاصمة المصرية، وجعلت المتفرج يخرج بانطباع جيد عن العاصمة المحببة لقلوب العرب. وبالعودة لموضوع ابني، فالجدير بالذكر أن لديه أختاً تصغره بعامين قالت لي بعد مشاهدة الأغنية
I love Cairo and I want to visit it so bad
ابني الذي عاش في سوريا ثلاث سنوات قبل أن يأتي إلى الولايات المتحدة الأميركية تعلَّم أن يتحدث باللغة العربية قليلاً وتحديداً اللهجة السورية، ولكنه لم يتعلم أن القاهرة هي عاصمة مصر حتى سمع أغنية عمرو دياب ومحمد منير القاهرة.
أتذكر أنني سمعتها أمامه في السيارة وهو جالس خلفي لمرتين فقط حتى لفتت انتباهه وبدأ يطلب سماعها من جديد، إلى أن طلب مني لاحقاً أن أريه صوراً للقاهرة.
وعندما شاهد ابني فيديو كليب القاهرة قال لي عند نهايته "تبدو القاهرة جميلة" فتبسمت في داخلي وتذكرت كمَّ الانتقادات التي طالت الفنان عمرو دياب والمخرج شريف صبري وطاقم العمل لأنهم صوروا القاهرة بصورة المدينة المتطورة متجاهلين العشوائيات والفقر المنتشر في أرجائها، متغافلين عن زوايا كبيرة لم تؤخذ ضمن كادر الكاميرا وهي تخفي خلفها الكثير من الصورة المعاكسة.
شعرت حينها باليأس قليلاً وتعاطفت مع القائمين على العمل إذ واجهوا انتقادات مختلفة تتعلق بظهور منير المتأخر وتصوير القاهرة من أعلى فندق وأنا الذي كنت مأخوذاً بالأغنية وبجمال فكرتها وبأثرها الطيب الذي تركته على المشاهدين والمستمعين.
بكل الأحوال، وكي لا تُحسَب كلماتي هنا على أنها تطبيل وتزمير للفنان عمرو دياب، فإليكم بعض الانتقادات التي أراها من وجهة نظري أجدى وأهم للتحدث عنها من تغافل كليب القاهرة عن عشوائيات والفقر في العاصمة المصرية.
أولاً: بالرغم من تميز اللحن وقدرته الرهيبة على شد انتباه المستمع إلا أنه استعان تقريباً بأربعة علامات موسيقية من أغنية سيد دروش الشهيرة "الحلوة دي"، وستلاحظ هذا جيداً في نهاية الأغنية عندما يستبدل الموزع أسامة الهندي كلمة القاهرة المغناة بأصوات الهضبة والكينج بالآلات الموسيقية كالعود والقانون ثم يتبعها بالناي.
ثانياً: بالنسبة للكوبليه الأول للأغنية "كأنها بنت جميلة" والمعزوف موسيقياً أكثر من مرة والمكرر في "هنا ناس تشيل عنك" وكذلك "يا جمالها ساعة العصرية"، ستلاحظ بعد التدقيق أن العلامات الموسيقية الأولى الأربع مأخوذة من أغنية كله إلا حبيبي، و أغنية أنت الوحيد لعمرو دياب ،وكذلك متطابقة مع العلامات الأولى من موسيقى أغنية هيفاء وهبي بحب فيك حاجات، ستجد هذه العلامات في الدقيقة الأولى والثانية التاسعة من أغنية هيفا، بينما ستجدها في الثواني الأولى لأغنيتي عمرو دياب المذكورتين.
ثالثاً: أرى أن صولو الغيتار الإلكتريك التي بدأت في الدقيقة 2:16 غير مناسبة لهذه الأغنية، لأن الأغنية طربية بامتياز ولم تكن بحاجة لتقاسيم غربية بهذه الطريقة أخرجت الأغنية عن سياقها الشرقي الطربي.
رابعاً: في المشاهد النهارية ستلاحظ انعكاس صورة عاكسات الإضاءة على نظارة عمرو الشمسية، راقب ذلك في تمام الدقيقة الأولى مثلاً.
خامساً : عندما يغني عمرو دياب جملة "يا جمالها ساعة العصرية" يجلس إلى الكنبة في منتصف المسافة بين عازف الغيتار والرق، ثم في اللقطة التي تليها نراه أقرب إلى الرق ثم مرة أخرى في المنتصف.. كان على شريف صبري الانتباه بأن يُجلس عمرو دياب منذ بداية اللقطة إلى اليمين كي يفسح مجالاً لمحمد منير، أو أن يستبعد ببساطة لقطات عمرو (في المنتصف) على المونتاج.
سادساً: في كامل الأغنية يعود عمرو دياب مجدداً لتكرار حركات يديه بالطريقة نفسها التي باتت مستهلكة في كل حفلاته وأغنياته المصورة وكأن عمرو لا يشاهد أعماله بعد تصويرها أو لا يأخذ بنصائح وملاحظات مدير أعماله ومن حواله بأن عليه أن يخفف من تكرار الحركات نفسها.
وبما أن غايتنا من الانتقاد هو الارتقاء بالعمل فكان من الممكن أن يقوم عمرو دياب بالاستفادة من أعضاء فرقته بطريقة أكثر إبداعاً وذلك بأن نشاهد مثلاً كل شخص من أعضاء الفرقة متواجداً في مكان مختلف من القاهرة، ويعزف كل منهم لوحده مشكِّلين بذلك لوحة متكاملة للموسيقى التي نسمعها، وبلقطات عفوية للشارع نرى الناس وقد تجمهرت حولهم، ثم بلقطة تمثيلية وعند ظهور صوت عمرو دياب يلتفت الناس إلى جهة الصوت المجهولة المصدر بغية اكتشاف المكان الذي يقف فيه عمرو دياب مثلاً. ولو طُبقت هذه الفكرة لكان عمرو دياب قد تجنب الانتقادات التي تشير إلى أن القاهرة التي ظهرت في الكليب هي ليست القاهرة الحقيقية.
وأخيراً، ومع كمِّ السلبية التي قرأتها في تعليقات الجمهور على الأغنية، لا يسعني إلا أن أقول أن الأغنية كعمل موسيقي نجحت في جعلنا نردد كلماتها البسيطة والسهلة، وكعمل تصويري نجحت في خلق صورة ذهنية إيجابية عن العاصمة المصرية، وجعلت المتفرج يخرج بانطباع جيد عن العاصمة المحببة لقلوب العرب. وبالعودة لموضوع ابني، فالجدير بالذكر أن لديه أختاً تصغره بعامين قالت لي بعد مشاهدة الأغنية
I love Cairo and I want to visit it so bad
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق